أخبار ألمانيا

تراكم قضايا اللجوء في ساكسونيا يرهق المحاكم وسط تعقيدات قانونية وإدارية

تشهد محاكم ولاية ساكسونيا في ألمانيا ارتفاعًا غير مسبوق في عدد الدعاوى القضائية المقدمة من طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم. وعلى الرغم من أن معظم هذه القضايا لا تؤدي إلى قرارات لصالح مقدميها، إلا أن الإجراءات القانونية المرتبطة بها تظل معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، كما أوضح القاضي الإداري روبرت بندنر، الذي يتولى البت في مثل هذه القضايا.

خلال إحدى الجلسات، استمع القاضي بندنر إلى شابة تركية جاءت برفقة محاميها، طالبة إعادة النظر في طلب لجوئها الذي تم رفضه قبل ثلاث سنوات. أوضحت أنها فقدت الاتصال بزوجها بعد وصولهما إلى ألمانيا، وأنها تخشى العودة إلى تركيا بسبب المضايقات الأمنية التي تعرضت لها هناك، خاصة لكونها كردية وعملها السابق في مؤسسة تعليمية مرتبطة بحركة غولن. بعد فترة قصيرة، التحق بها زوجها في قاعة المحكمة، مشيرًا إلى رفض السلطات التركية السماح له بالانضمام إلى الشرطة، الأمر الذي فسره على أنه تمييز ضده. عند سؤالهما عن سبب قدومهما إلى ألمانيا بدل البقاء في إسبانيا، حيث دخلا أوروبا أول مرة، أجابا بأنهما يريان مستقبلهما هنا، حيث يطمح الزوج ليصبح حكمًا محترفًا في كرة القدم، بينما تسعى الزوجة للعمل في قطاع الرعاية الصحية.

معالجة هذه القضايا تشكل عبئًا كبيرًا على القضاة، الذين يتحتم عليهم فحص كل طلب على حدة، رغم العدد الهائل من الدعاوى المتراكمة. القاضي بندنر أوضح أن المحكمة تتعامل مع هذه الملفات باعتبارها حالات فردية، رغم أن اللجوء بات أقرب إلى قضية جماعية تتطلب حلولًا إدارية شاملة. في ظل هذا الوضع، باتت نسبة كبيرة من القضاة في دريسدن منشغلين بقضايا اللجوء، حيث تشكل هذه الملفات أكثر من نصف القضايا المعروضة حاليًا أمام المحكمة.

الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن عام 2024 شهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد القضايا غير المحسومة، حيث بلغ عدد الملفات العالقة في المحاكم الإدارية الثلاث في الولاية نحو 8700 قضية، مقارنة بـ5700 قضية في العام السابق. مع ذلك، فإن فرص نجاح الطعون المقدمة من طالبي اللجوء تبقى ضعيفة، إذ تشير بيانات وزارة العدل في ساكسونيا إلى أن 71% من دعاوى اللجوء يتم رفضها، في حين تحقق 12% فقط نجاحًا، بينما يتم التوصل إلى حلول جزئية في 17% من الحالات. أما فيما يخص الطلبات المستعجلة، فقد بلغت نسبة النجاح فيها نحو 30%.

في محاولة لمواجهة هذا التكدس القضائي، أعلنت وزيرة العدل في ساكسونيا، كونستانزه غايرت، عن عقد قمة مخصصة لمناقشة أزمة اللجوء والتخفيف من الضغط على المحاكم الإدارية. لكن القاضي بندنر ينظر إلى هذه المبادرات بحذر، متسائلًا عن كيفية تسريع الإجراءات دون المساس بمعايير العدالة أو تجاوز الأخلاقيات المهنية التي تفرض عليه فحص كل قضية بشكل دقيق ومستقل. من وجهة نظره، فإن الحل الأكثر واقعية يتمثل في تعيين عدد أكبر من القضاة، لكنه يدرك في الوقت ذاته أن الموارد المالية المحدودة للدولة قد تحول دون تنفيذ هذا الخيار.

وفي ظل هذه القيود، تبقى المحاكم أمام تحدٍّ متزايد يتمثل في الموازنة بين ضرورة الإسراع في إصدار الأحكام واحترام المبادئ القانونية التي تضمن لكل طالب لجوء فرصة عادلة في استعراض قضيته.

ألمانيا بالعربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى