ألمانيا وتكرار الجرائم بنفس النمط، ما مدى خطورة تكرار الجرائم من قبل المحاكين؟

خلال شهور قليلة، شهدت ألمانيا حوادث مؤلمة مثل حوادث القتل بالسيارات في مدن مثل ماجدبورغ وميونيخ ومانهايم، مما أثار تساؤلات حول سبب تزايد هذه الجرائم التي تحدث بنفس النمط. يعتقد البعض أن “تأثير فيرثر” قد يكون له دور في زيادة هذه الجرائم.
يشير ما يسمى “بتأثير فيرثر” إلى أنه عند تقديم تقارير مفصلة عن الانتحار، قد يؤدي ذلك إلى زيادة في حالات الانتحار المقلدة، سواء كانت هذه التقارير حول أحداث حقيقية مثل انتحار حارس المرمى روبرت إنكه في عام 2009، أو عن أحداث خيالية مثل رواية “معاناة الشاب فيرثر” لجوهان فولفغانغ فون غوته. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يقتصر تأثير فيرثر على الانتحار فقط، أم أنه يمكن أن يظهر أيضًا في حالات العنف التي تستهدف حياة الآخرين، مثل حوادث القيادة المتهورة والهجمات بالسيارات التي وقعت في مانهايم وميونيخ وماجدبورغ؟
وبينما لا توجد بيانات كافية لدعم هذا الرأي في ألمانيا، يعتقد أندرياس ماير-ليندنبرغ، مدير المعهد المركزي للصحة النفسية في مانهايم، أن هناك احتمالًا كبيرًا بوجود هذا التأثير، حيث أن ألمانيا لحسن الحظ لا تشهد كثيرًا من الجرائم التي تتسبب في قتل جماعي. لكن في الولايات المتحدة، التي تشهد مثل هذه الحوادث بشكل أكبر، تشير الدراسات إلى أن الخطر المتعلق بجرائم مشابهة يزداد بنسبة تتراوح بين 30 و 40% بعد وقوع الجريمة الأولى، خاصة في الأسابيع الأولى بعد التقرير الإعلامي حول الحادث.
من جانبه، تشير سيلفيا كلاوس، المديرة الطبية في مستشفى بالاتس للطب النفسي، إلى أن “تأثير فيرثر” يمكن أن يكون فعالًا أيضًا في الحوادث التي تتعلق باستخدام السيارات كأداة للجريمة. فالسيارات، وفقًا لها، متوفرة بسهولة ولا تحتاج إلى جهد كبير للحصول عليها. لكن ماير-ليندنبرغ يرى أن العوامل الأكثر أهمية في هذه الجرائم تشمل الضغوط النفسية التي يواجهها الجناة. في معظم الأحيان، يكون هناك حدث محوري في حياة الجاني قبل ارتكاب الجريمة، مثل الفشل في العلاقات العاطفية أو خسارة العمل أو التنمر في المدرسة أو في مكان العمل.
وفيما يخص الحوادث الأخيرة في مانهايم، كشفت التحقيقات أن الجاني، ألكسندر س.، كان قد سبق له التورط في قضايا عنف، وكان له تاريخ مع تعليقات متطرفة على فيسبوك. كما أفادت التحقيقات أن المهاجم في ميونيخ كان يعاني من مشاكل نفسية، فيما لا تزال السلطات تدرس حالة المهاجم في ماجدبورغ.
وأشار ماير-ليندنبرغ إلى أن العديد من مرتكبي هذه الجرائم يعانون من اضطرابات نفسية، مثل الفصام أو الإدمان، وهذه الأمراض قد تزيد من احتمالية ارتكابهم لجرائم عنيفة. لكن من المهم أن نذكر أن معظم الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات لا يصبحون عنيفين. فالأمر ليس بمفهوم بسيط، حيث أن الأمراض النفسية هي أمر شائع جدًا في المجتمع، ويعاني منها حوالي ثلث السكان، ومع ذلك فإن أغلب هؤلاء الأشخاص لا يرتكبون جرائم عنيفة في حياتهم.
وفي النهاية، من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بما إذا كان الجاني سيقوم بارتكاب جريمة عنيفة أم لا، نظرًا لوجود العديد من العوامل المتشابكة.
ألمانيا بالعربي.