أخبار ألمانيا

جدل سياسي حول سياسات الهجرة في ألمانيا: خلافات بين الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي بشأن ضبط الحدود

على الرغم من أن المقترحات التي تم الاتفاق عليها في المحادثات الاستكشافية لتشكيل الحكومة بين الاتحاد المسيحي (CDU وCSU) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) كانت متوافقة إلى حد ما، إلا أن هناك بعض النقاط التي ستظل محل نزاع. إحدى القضايا الرئيسية هي كيفية التعامل مع طالبي اللجوء عند الحدود، حيث اقترح الاتحاد  اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك إعادة اللاجئين الذين يصلون إلى الحدود الألمانية إلى الدول المجاورة بعد التشاور والتنسيق معها. بالمقابل، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يميل إلى وضع المزيد من القيود القانونية حول هذه العمليات، خاصة عندما يتعلق الأمر بإعادة طالبي اللجوء عند الحدود.

حتى الآن، لم يتم تحديد خطوات ملموسة تتعلق بهذه الإجراءات، حيث يعتبر الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأحزاب في محادثات الاستكشاف بمثابة مسودة غير ملزمة. لذلك، من المتوقع أن تختلف الآراء بين الأطراف المختلفة حول كيفية تنفيذ هذه السياسات، خاصة عندما يتم توقيع اتفاق الائتلاف النهائي.

وتحكمت وزارة الداخلية الألمانية التي تقودها نانسي فيزر، وزيرة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، في تطبيق بعض الإجراءات التي تشمل فرض مراقبة على جميع الحدود البرية لألمانيا. بموجب هذه الإجراءات، يُسمح بإعادة الأشخاص الذين تم إصدار حظر دخول ضدهم أو أولئك الذين لا يعتزمون تقديم طلب اللجوء في ألمانيا. إلا أن هذه السياسات، رغم أنها أثبتت فعاليتها جزئيًا في منع دخول بعض الأفراد غير المرغوب فيهم، فإنها تظل محدودة من حيث التطبيق الواسع.

تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تُعامل وفقًا للنظام الأوروبي المشترك للجوء، المعروف أيضًا باسم “نظام دبلن”، الذي يسمح للاجئين بالإعلان عن طلباتهم في البلد الذي يصلون إليه أولاً. إذا تم قبول طلب اللجوء في دولة أخرى، يُسمح للأفراد بالانتقال إلى هناك لتقديم طلباتهم. ومع ذلك، كانت هناك بعض القيود في تطبيق هذا النظام، خاصة مع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي أظهرت مقاومة لتطبيق قواعد دبلن بشكل صارم.

مثال على ذلك هو إيطاليا، التي تستقبل العديد من اللاجئين القادمين عبر البحر الأبيض المتوسط، لكنها توقفت في الآونة الأخيرة عن قبول الأفراد الذين يُطلب منهم العودة إليها بموجب معاهدة دبلن. هذا التصرف من إيطاليا يعكس تزايد الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي، خاصةً تلك التي تقع على أطراف الحدود مثل إيطاليا واليونان، والتي تستقبل الأعداد الأكبر من اللاجئين.

أما بالنسبة للأحزاب السياسية الألمانية، فهناك جدل طويل حول ما إذا كان ينبغي السماح بعمليات إعادة اللاجئين إلى دول أخرى، حتى في ظل هذه القيود. يرون في الاتحاد (CDU وCSU) أن من المهم توسيع التعاون مع الدول الأوروبية الأخرى لتطبيق سياسة الحدود بشكل أكثر فاعلية، في حين أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) يحذر من انتهاك الحقوق الأساسية للاجئين ويشدد على ضرورة احترام الاتفاقيات الأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان.

إحدى النقاط الأكثر تعقيدًا في هذه النقاشات هي عملية إعادة اللاجئين عند الحدود، حيث يعتقد بعض المسؤولين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) أن هذا قد يؤدي إلى إعاقة فعالية النظام الحالي. هؤلاء المسؤولون يعتقدون أنه يمكن للاجئين الذين يتم إرجاعهم أن يجدوا طرقًا للدخول إلى ألمانيا عبر طرق غير قانونية أو عبر دول أخرى. لذلك، يرى الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن الحل يكمن في تحسين إجراءات اللجوء في ألمانيا، بدلاً من التركيز فقط على الإجراءات الحدودية.

من ناحية أخرى، يؤكد الاتحاد (CDU وCSU) أن التعاون مع الدول المجاورة بشكل أكبر سوف يساعد في تقليل أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الحدود الألمانية. هؤلاء يعتقدون أن إنشاء “أثر دومينو” حيث تتبع الدول المجاورة سياسات مماثلة قد يؤدي إلى تقليل تدفقات الهجرة بشكل عام، وهو ما يمكن أن يساعد ألمانيا في الحد من التحديات التي تترتب على استقبال أعداد كبيرة من طالبي اللجوء.

لكن يبقى التساؤل حول فعالية هذا النظام في الواقع، إذ يلاحظ بعض الخبراء أنه في حال لم تتخذ الدول المجاورة أيضًا إجراءات فعالة، فإن إعادة اللاجئين ستظل محدودة التأثير. البعض يشير إلى أن العديد من اللاجئين الذين يُعادون قد يعاودون دخول ألمانيا في أماكن أخرى، مما يقلل من فعالية تلك الإجراءات. وفي هذا الصدد، أعرب بعض مسؤولي الشرطة عن قلقهم بشأن إمكانية تكرار نفس السيناريوات السابقة التي تتضمن محاولات للعودة بشكل غير قانوني بعد إعادة اللاجئين.

ألمانيا بالعربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى